أفادت وسائل الإعلام الإسبانية اليوم الجمعة بأن إسبانيا تستعد لإرسال مقاتلات حربية إلى بولندا في نوفمبر المقبل، وذلك في إطار الجهود الرامية لتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد سلسلة من الانتهاكات الروسية للمجال الجوي في المنطقة.
وأكدت وزيرة الدفاع الإسبانية مارجريتا روبليس التزام إسبانيا بدعم حلفائها في الدفاع عن أمن أوروبا ووحدة أراضيها، مشددة على أن بلادها تتحمل مسؤولياتها الكاملة ضمن الناتو وتلتزم بدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
وأشارت صحيفة “إل باييس” إلى أن إسبانيا ستساهم بمقاتلات “يوروفايتر” وطائرة نقل من طراز A400M، التي كانت متمركزة سابقًا في ليتوانيا، لدعم عملية “الحارس الشرقي” التي أطلقها الناتو في سبتمبر الماضي عقب اختراق طائرات مسيرة روسية للمجال الجوي البولندي.
من المتوقع أن يجعل هذا الانتشار إسبانيا من أبرز المشاركين في مهمة الدفاع الجوي المشتركة، إلى جانب فرنسا التي أرسلت مقاتلات “رافال” وألمانيا التي تمركزت طائراتها “يوروفايتر” قرب حدودها الشرقية، بالإضافة إلى المملكة المتحدة التي كثفت طلعات طائرات “تايفون” فوق الأجواء البولندية.
كما أكدت وزارة الدفاع الإسبانية أن قواتها منتشرة بالفعل على الجناح الشرقي للناتو في سلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا ورومانيا، مشددة على التزام مدريد بمسؤولياتها الدفاعية ضمن منظومة الأمن الجماعي للحلف.
يأتي هذا التحرك العسكري في وقت أعلنت فيه الحكومة الإسبانية انضمامها رسميًا إلى مبادرة قائمة أولويات احتياجات أوكرانيا (PURL)، التي أطلقها الناتو بالتعاون مع الولايات المتحدة في يوليو الماضي لشراء الأسلحة الأمريكية وتقديمها مباشرة إلى أوكرانيا.
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث قد صرح خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بأن بلاده ملتزمة بشكل راسخ بحلف شمال الأطلسي ودعم أوكرانيا على جميع الأصعدة، مؤكدًا أن مدريد درست مساهمتها في المشتريات المشتركة الخاصة بالمبادرة.
وأضاف سانتشيث أن القرار جاء بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي ناقش الحاجة الملحة لتسريع تسليم الأسلحة لمواجهة الهجمات الروسية، بينما تحدثت وزيرة الدفاع مارجريتا روبليس مع نظيرها الأوكراني دينيس شميهال منذ يومين.
وفي إطار الانتقادات التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإسبانيا بسبب انخفاض مستوى إنفاقها الدفاعي مقارنة بالمعايير المتفق عليها في الحلف، دعا مدريد إلى زيادة مساهماتها لتصل إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
على الرغم من ذلك، أكد سانتشيث أن بلاده حققت تقدمًا ملموسًا في تعزيز قدراتها الدفاعية، مشيرًا إلى أن الأهمية ليست فقط في حجم الإنفاق بل في تطوير القدرات التي تضمن الجاهزية والفعالية.
يذكر أن أكثر من نصف دول الناتو قد انضمت إلى مبادرة دعم أوكرانيا المعروفة باسم PURL، في حين قامت دول مثل هولندا وألمانيا وكندا والدنمارك والسويد والنرويج بتجميع أربع حزم دعم بقيمة 500 مليون دولار لكل حزمة لتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا.
تعتبر عملية “الحارس الشرقي” من أبرز مهام الردع الجوي التي أطلقها الناتو هذا العام، وتهدف إلى تعزيز المراقبة الجوية والدفاع عن حدود الحلف الشرقية في ظل تزايد النشاط الروسي بالطائرات المسيرة والصواريخ قرب بولندا ودول البلطيق، التي تمثل الجناح الشرقي للحلف.
تقوم العملية على نشر طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي متقدمة تابعة لعدة دول أعضاء، لضمان الردع الفوري لأي تهديد محتمل وتعزيز التنسيق بين القوات الجوية الأوروبية والأطلسية، ويعتبر انضمام إسبانيا إليها تأكيدًا جديدًا على وحدة الموقف الدفاعي داخل الحلف واستعداده المستمر للتعامل مع أي تصعيد عسكري في شرق أوروبا.

