تقرير فرنسي يكشف كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع التهديدات الداخلية في ظل اتهامات المجر بالتجسس وانتهاك القيم الأوروبية
اتهمت عدة وسائل إعلام أوروبية الحكومة المجرية بإجراء عمليات تجسس داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي خلال الفترة ما بين عامي 2012 و2018، بينما تنفي بودابست هذه الاتهامات بشكل قاطع، وقد تقرر تشكيل “فريق عمل داخلي” للتحقيق في هذه الشكوك.
تأتي هذه القضية في ظل تدهور العلاقات بين المجر والاتحاد الأوروبي منذ تولي رئيس الوزراء فيكتور أوربان السلطة في عام 2010، مما أعاد طرح سؤال ملح حول كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع ما يُعتبر “عدوًا داخليًا”.
لا يوجد في المعاهدات ما ينص على استبعاد أي دولة عضو حتى لو ارتكبت انتهاكات جسيمة لمبادئ الاتحاد الأوروبي، حيث تنظم المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي الطريقة الوحيدة لمغادرة الدولة، والتي تتطلب قرارًا أحاديًا وطوعيًا من الدولة المعنية، وقد استخدمت المملكة المتحدة هذه المادة عندما خرجت من الاتحاد في عام 2020، ويشير رافائيل زينيديس، أستاذ القانون الأوروبي، إلى أن الاتحاد مبني على مبدأ الثقة المتبادلة.
تعتبر المادة السابعة الآلية الأساسية للعقوبات السياسية في الاتحاد، حيث يمكن لأغلبية أربعة أخماس الأعضاء إعلان وجود خطر واضح بانتهاك خطير من قبل أي دولة عضو للقيم المنصوص عليها في المادة الثانية من المعاهدة، والتي تشمل احترام سيادة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد تم تفعيل هذه المادة ضد المجر في عام 2018، لكنها تبقى خطوة تحذيرية فقط.
للتقدم إلى المرحلة الثانية، يجب على المجلس الأوروبي إثبات وجود انتهاك خطير مستمر للقيم الأوروبية، مما قد يؤدي إلى تطبيق عقوبات فعلية تشمل تعليق حقوق التصويت في المجلس، ورغم ذلك لم تُفعل هذه الآلية قط بسبب الحاجة إلى إجماع بين الدول الأعضاء، وهو ما يجعل تطبيق المادة السابعة صعبًا خصوصًا في ظل دعم بعض الدول مثل بولندا للمجر.
بروكسل لديها أدوات أخرى، مثل فرض شروط على الميزانية، حيث تسمح هذه الآلية، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2021، بتعليق بعض المساعدات المالية المخصصة لأي دولة عضو في حال ثبوت انتهاكات لسيادة القانون، وقد جمد الاتحاد الأوروبي منذ عام 2022 حوالي 6.3 مليار يورو من الأموال المخصصة للمجر.
على الرغم من أن بودابست أجرت بعض التغييرات، إلا أن 10.2 مليار يورو من الأموال المجمدة أُفرج عنها في ديسمبر 2023، بينما ظل المبلغ المتبقي مجمدًا بسبب عدم كفاية التقدم، وقد فقد حوالي مليار يورو بشكل دائم لعدم تنفيذ التغييرات المطلوبة في الوقت المحدد، ويشير خبراء القانون الأوروبي إلى أن هذه الآلية تمثل وسيلة ضغط قوية للاتحاد للتغلب على صعوبات التنفيذ المرتبطة بالمادة السابعة.
وفيما يتعلق بموضوع التجسس، فلا يمكن استخدام هذه الآلية إلا في حال إثبات وجود صلة بين هذه الأنشطة وانتهاك سيادة القانون.

