تعمل مجموعة من الشركات الناشئة والمستثمرين، بدعم من شخصيات بارزة مثل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، على تطوير تقنيات تهدف إلى اختبار “الأطفال الأفضل وراثياً” من خلال فحوصات جينية معقدة للأجنة، مما ينبئ بدخول عصر جديد من الهندسة الوراثية الشخصية، وفقاً لما أوردته صحيفة واشنطن بوست.
تبدأ القصة مع رائدة الأعمال نور صديقي، مؤسسة شركة “Orchid Health”، التي قدمت عرضاً أمام مجموعة من النساء الثريات في الثلاثينات من أعمارهن، حيث ناقشت فيه إمكانية اختيار أطفال خالين من الأمراض، وربما أكثر تميزاً من الناحية الجينية.
تقوم الشركة، ومقرها سان فرانسيسكو، بفحص تسلسل الجينوم الكامل للأجنة لتحديد احتمالية تعرضهم لأكثر من 1200 مرض نادر مثل السرطان والزهايمر والفصام، باستخدام خمس خلايا فقط من الجنين. تعتمد تقنيات “Orchid” على خوارزميات متقدمة تنتج ما يُعرف بـ”درجات المخاطر متعددة الجينات”، التي تتنبأ بمدى استعداد الطفل المستقبلي للإصابة بأمراض معقدة لاحقاً.
وتشير الصحيفة إلى أن تكلفة هذه الخدمات تبلغ حوالي 2500 دولار لكل فحص، بالإضافة إلى تكلفة دورة التلقيح الصناعي التي تصل إلى 20 ألف دولار، مما يجعلها متاحة فقط للنخبة الثريّة في عالم التكنولوجيا، التي ترى في البيانات وسيلة لتقليل المخاطر حتى في أكثر الأمور حميمية، مثل الإنجاب.
تصف واشنطن بوست صديقي بأنها نجمة صاعدة في مجال الخصوبة المدعوم بالتكنولوجيا، حيث أعربت في تصريحاتها عن ضرورة عدم المخاطرة عند اتخاذ قرار يتعلق بالطفل، وشاركت عبر منصة إكس مقطع فيديو يظهر ما تقول إنه أول طفل وُلد بتقنية “Orchid”.
كما أعلنت صديقي أنها اختبرت أجنتها بالفعل، وتخطط لإنجاب أربعة أطفال باستخدام الأجنة التي تم فحصها عبر شركتها، معتبرة أن إنجاب طفل سليم يجب أن يكون حقاً من حقوق الإنسان، وقد اختتمت منشورها بالقول إن هذا هو مستقبل الأطفال.
في المقابل، يشكل هذا التوجه جزءاً من حركة فكرية أوسع يقودها مستثمرون محافظون مثل بيتر ثيل وجيه دي فانس، الذين يعتبرون أن انخفاض معدلات المواليد يشكل تهديداً وجودياً للغرب الصناعي، ويدعون إلى الإنجاب المدروس المدعوم بالعلم كحل لأزمة الديموغرافيا.
لكن على الجانب الآخر، يعبر منتقدو هذه التقنيات عن قلقهم من تحول العلاج إلى انتقاء، مشيرين إلى أن المستقبل قد يشهد ولادة فئة جديدة من الأطفال الخارقين بناءً على خوارزميات معينة، بينما تُترك الطبقات الأقل ثراءً خارج هذا السباق الجيني. يحذر العلماء أيضاً من أن درجات المخاطر لا تزال غير دقيقة بما يكفي للتنبؤ بالصفات البشرية المعقدة، مما قد يؤدي إلى تمييز وراثي جديد قائم على مفاهيم غير واضحة حول الجودة الجينية.

