
عودة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين: ضرورة ملحة لتطوير القطاع
تعتبر الهيئة المصرية للرقابة على التأمين الجهة المستقلة التي كانت مسؤولة عن تنظيم ومراقبة قطاع التأمين حتى عام 2009، حيث تم دمجها مع هيئات سوق المال والتمويل العقاري لتأسيس الهيئة العامة للرقابة المالية (FRA)، التي أصبحت الجهة الشاملة للرقابة على جميع الأنشطة المالية غير المصرفية، بما في ذلك التأمين، التمويل متناهي الصغر، التأجير التمويلي، التمويل العقاري، وسوق المال.
على الرغم من أن هذا الدمج قد ساهم في توحيد السياسات وتقليل التداخل، إلا أن زيادة أعباء النشاط ودخول لاعبين جدد مثل شركات التأمين الطبي، بالإضافة إلى دعم التحول الرقمي، قد أثار تساؤلات حول ضرورة إعادة تأسيس "الهيئة المصرية للرقابة على التأمين" كجهة مختصة بأعمال التأمين، وذلك في ظل التوسع الذي شهده القطاع وزيادة معدلات النمو خلال السنوات الأخيرة، فضلاً عن فتح المجال أمام استثمارات عالمية.
وفي هذا السياق، دعا عبد الخالق عمر، خبير التأمين ومؤسس جمعية المستقبل لنشر وتطوير الوساطة التأمينية، إلى ضرورة عودة "الهيئة المصرية للرقابة على التأمين" بهدف تطوير صناعة التأمين وحل مشكلاتها، مشيراً إلى أهمية تكليفها بمهامها الأساسية المتمثلة في حماية حملة الوثائق وإعادة الانضباط إلى سوق التأمين، خاصة مع دخول شركات التأمين الطبي المباشر.
وأضاف عبد الخالق في تصريحات خاصة لـ "الدليل المصري" أن الهيئة العامة للرقابة المالية يمكنها إنشاء قطاع التأمين كجهاز شبه مستقل داخلها، مع منحها صلاحيات كاملة ورؤية استراتيجية واضحة، مما سيساهم في تجنب الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قد تستنزف موارد الدولة، مشيراً إلى أن استمرار الوضع الحالي، حيث يأتي التأمين في المرتبة الثالثة أو الرابعة من الأولويات، قد يستدعي ضرورة عودة هيئة مستقلة للرقابة على التأمين لإعادة الحيوية والنمو للقطاع.
وأشار عبد الخالق إلى أن عدد شركات التأمين في مصر كان في السابق محدوداً، حيث كان هناك ست شركات فقط، منها ثلاث شركات حكومية وثلاث شركات خاصة، بالإضافة إلى شركة إعادة تأمين واحدة، وكانت الهيئة المستقلة للرقابة على التأمين هي الجهة المسؤولة عن تنظيم هذا القطاع منذ عام 1939، حيث كانت مصر أول دولة عربية تصدر قانوناً لتنظيم نشاط التأمين.
ومع مرور السنوات، ارتفع عدد شركات التأمين إلى حوالي 42 شركة، منها 22 شركة تأمين ممتلكات و14 شركة تأمين حياة، بالإضافة إلى شركات التأمين الطبي المباشر، مما يستدعي من الهيئة العامة للرقابة المالية أن تطلب عودة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين لتولي مسؤولياتها في تطوير هذه الصناعة وحل مشكلاتها.
كهيئة متخصصة، يمكن أن تضع الهيئة المصرية للرقابة على التأمين استراتيجية قومية واضحة لنمو سوق التأمين، تشمل نشر الثقافة التأمينية، دعم التحول الرقمي، وتحفيز المنتجات الجديدة مثل التأمين الزراعي والصحي الإجباري، حيث إن كل صناعة لها مخاطرها وأدواتها الخاصة، ويحتاج التأمين إلى رقابة فنية تختلف عن تلك الموجودة في سوق المال أو التمويل العقاري.
إن وجود جهاز مستقل سيمكن من إصدار القرارات واللوائح بشكل أسرع، مما يتماشى مع واقع السوق، كما أن المستثمرين وصناديق إعادة التأمين الدولية يفضلون التعامل مع جهة متخصصة ذات كفاءة فنية عالية ومستقلة إدارياً.