بيوت الثقافة في الدقهلية: منارات للوعي في مواجهة النسيان

بيوت الثقافة في الدقهلية: منارات للوعي في مواجهة النسيان

تعتبر بيوت ومراكز الثقافة في محافظة الدقهلية، على الرغم من بساطتها، منارات للوعي والإبداع في القرى والمراكز، فهي تحتضن المواهب الشابة وتعمل على نشر الفكر في المناطق الريفية، إلا أن هذه الدور الثقافية تواجه تحديات حقيقية تتعلق بالبنية التحتية والتمويل واستمرارية الأنشطة، مما يستدعي ضرورة وجود رؤية جديدة تحفظ لها دورها الحيوي في نشر الثقافة بين أبناء المحافظة.

تنتشر بيوت الثقافة في معظم مراكز الدقهلية مثل دكرنس وشربين وأجا والمنزلة وبلقاس، وتعمل تحت مظلة فرع ثقافة الدقهلية التابع لإقليم شرق الدلتا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث تسعى هذه البيوت إلى نشر الفنون بين الأطفال والشباب من خلال تنظيم ورش فنية وأدبية ومسرحية، بالإضافة إلى العروض الموسيقية والمحاضرات التوعوية.

وفي بيت ثقافة شربين، تُقام عروض فنية ومحاضرات تحمل عنوان “المواهب المصرية كنز الوطن”، إلى جانب تقديم عروض مسرح الطفل المجانية مثل مسرحية “ملك الغابة” و”بيت الفيل”، التي تهدف إلى غرس قيم التعاون والانتماء لدى الأطفال، بينما شهدت قرية الديرس التابعة لمركز أجا تنظيم الهيئة العامة لقصور الثقافة لأول قافلة ثقافية لإقليم شرق الدلتا، والتي تضمنت فعاليات متنوعة لاكتشاف المواهب الشابة في الكتابة والفنون التشكيلية والمسرح، وذلك ضمن خطة الوصول إلى القرى الأكثر احتياجًا.

في السنوات الأخيرة، شاركت بيوت الثقافة في مبادرات وطنية مثل “حياة كريمة” التي استهدفت القرى الريفية لتقديم أنشطة ثقافية وفنية وتعليمية مجانية، كما تم توقيع شراكات بين إدارات الثقافة في الدقهلية ومراكز الشباب والمدارس، لإقامة ورش فنية ومعارض تراثية وأمسيات شعرية داخل القرى، مما ساهم في revitalization الأنشطة الجماهيرية بعد فترات من التراجع.

رغم هذه الجهود، تعاني بعض بيوت الثقافة من مشكلات تتعلق بحالة المباني وصغر المساحة ونقص الكوادر المتخصصة، مما يحد من قدرتها على تنفيذ برامج ثقافية متكاملة، وقد أثار مقترح تقليص عدد بيوت الثقافة أو دمج بعضها في مراكز أكبر جدلًا واسعًا بين المثقفين، الذين رأوا في ذلك تهديدًا لرسالة الوعي في المناطق الريفية، حيث أكدوا أن هذه الدور ليست مجرد مبانٍ، بل هي رموز للهوية والتنوير.

وطالب المثقفون ومسؤولو الثقافة في المحافظة بضرورة تطوير هذه البيوت بدلاً من إغلاقها، من خلال رفع كفاءتها وتزويدها بأجهزة حديثة وتدريب العاملين بها، وتحويلها إلى مراكز حقيقية للابتكار والإبداع المجتمعي، فتبقى بيوت الثقافة في الدقهلية شاهدًا على أن الإبداع لا يحتاج إلى مدينة كبرى، بل إلى مكان يؤمن بالموهبة ويمنحها فرصة للظهور، ورغم التحديات، تظل هذه الدور منارات مضيئة في طريق الوعي والفكر، تنشر الجمال وتبني الإنسان، لتؤكد أن الثقافة هي أول طريق التنمية الحقيقية.

Google News تابعوا آخر أخبار أخبار الدليل المصري عبر Google News