إيطاليا تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز حماية كنوزها الأثرية بعد حادثة سرقة متحف اللوفر

أعلنت وزارة الثقافة الإيطالية عن خطة طموحة تهدف إلى تعزيز أنظمة الأمن في متاحف البلاد من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، وذلك في استجابة لحادثة السرقة التي وقعت في متحف اللوفر بباريس الأسبوع الماضي، حيث أكدت الوزارة أن حماية التراث الثقافي أصبحت أولوية قصوى، وتركز الجهود الحالية على تعزيز قدرات المراقبة والتدابير الوقائية في المؤسسات المتحفية والمواقع الأثرية.
وأشارت الوزارة إلى أن مديرية المتاحف الوطنية تعمل على تطوير مشروعين تجريبيين رئيسيين مخصصين لحماية القطع الأثرية النادرة، مع توفير تمويل يتجاوز 70 مليون يورو من صناديق الاتحاد الأوروبي، ويعتبر هذا البرنامج الأوسع من نوعه لتحديث الأمن الثقافي في أوروبا خلال العقد الأخير، حيث يعتمد على نظام رقمي قادر على تحليل السلوك البشري في الوقت الفعلي داخل المتاحف والمواقع الأثرية.
تستهدف المبادرة إنشاء شبكة من الكاميرات الذكية وأجهزة الاستشعار الموزعة في أرجاء المتاحف والمواقع التاريخية، بحيث تستطيع هذه الأنظمة التعرف على أي حركة مريبة أو نشاط غير عادي، مثل الحركات المتكررة قرب القطع المعروضة أو محاولات لمسها، مما يتيح تنبيه فرق الأمن بشكل فوري.
وأكد مسؤول في الوزارة أن النظام الجديد سيعمل كعيون إلكترونية لا تنام، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي سيلعب دورًا ليس فقط في المراقبة بل أيضًا في التنبؤ بالمخاطر المحتملة عبر تحليل أنماط سلوك الزوار السابقين.
إضافة إلى ذلك، تعتمد المبادرة على تقنيات الأمن السيبراني لضمان حماية البيانات الحساسة المتعلقة بالقطع الأثرية ومسارات الزوار، كما سيتم إنشاء مركز وطني للتحكم في أمن المتاحف يربط بين روما والمدن التاريخية الكبرى مثل فلورنسا ونابولي والبندقية.
وتشمل المرحلة الأولى من المشروعين التجريبيين مواقع أثرية ذات حساسية عالية مثل بقايا مدينة بومبي القديمة ومتاحف الفاتيكان، مع خطط لتعميم النظام لاحقًا على جميع المؤسسات الثقافية في البلاد بحلول عام 2027.
تأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه أوروبا تزايدًا في حوادث سرقة الأعمال الفنية أو تخريبها، مما دفع العديد من الدول إلى مراجعة استراتيجياتها الأمنية، وفي هذا السياق، أكدت مديرة هيئة المتاحف الإيطالية، إليزابيتا ميرياني، أن إيطاليا لا تنتظر وقوع الكوارث لتتحرك، بل تتبنى نظامًا استباقيًا ذكيًا يضمن حماية كنوزها الثقافية للأجيال القادمة.
يُذكر أن حادثة السرقة في متحف اللوفر أثارت قلقًا كبيرًا في الأوساط الثقافية الأوروبية، بعد أن تمكن لصوص من سرقة قطع فنية صغيرة الحجم رغم وجود إجراءات أمنية مشددة، مما دفع كبرى المتاحف في القارة إلى تعزيز أنظمتها الأمنية وتحديث بروتوكولات الحماية.
بينما تتقدم التكنولوجيا بخطى سريعة، ترى الحكومة الإيطالية أن الذكاء الاصطناعي يمثل خط الدفاع الأول لحماية تراثها الفريد، الذي يُعد أحد أهم عناصر الهوية الإيطالية ومصدر فخرها العالمي، ومن خلال هذا المشروع، تسعى روما إلى تحويل التحديات الأمنية إلى فرصة لتحديث بنيتها الثقافية، مما يضمن استمرار فنونها وتاريخها في مواجهة التهديدات البشرية والتقنية على حد سواء.